شباب اليوم: كتب حسن عطوان.. عايشنا وبمرارة فترة التسفيرات الأخيرة في أوآئل الثمانينات من القرن الماضي ، لعوائل عراقية مؤمنة وطيبة ، بدعوى أنّهم ليسوا عراقيين ، إنّما هم تبعية إيرانية.. وهؤلاء خونة وطابور خامس ، وووو .
ورأينا كيف أُنتزِع هؤلاء من بيوتهم ومحلاتهم ووظائفهم ومدنهم وعلاقاتهم إنتزاعاً همجياً ، وبطريقة وحشية ، لم تكن وحشية ( المغول ) قد زادت عليها بشيئ !!
( التسفير ) عبارة خادعة مُنَمّقة ، لأنّها تعني الإجبار على السفر فحسب ، وياليت الأمر كان كذلك !
ما حصل كان تهجيراً قسرياً وإستئصال غاشم ، قُسِمتْ فيه العائلة الواحدة الى قسمين أو أكثر ، فُرِّق فيه بين الأب والأم وأولادهما ..
بعض البنات المتزوجات بقن مع أزواجهن سراً في حالات كثيرة ، والأولاد الشباب رُموا في السجون ..
والأباء والأمهات رمُوا بلا ذرة من الإنسانية على الحدود التي كانت مسرحاً لحرب قاسية ، أهون ما كان في ذلك أنّهم ساروا بين حقول الألغام التي كانت تملأ الحدود آنذاك !!
ولم يُسمح لهم بأخذ ولو شيئاً بسيطاً من أموالهم وتعب عمرهم !
وأعطيت بيوتهم او بيعت في الغالب لبعثيين او أعوان سلطة !
ولعل تفاصيل ذلك معروفة عند أغلب مَن عاشوا في تلك الفترة ، إلّا مَن أعمى الباطل قلبه قبل عينيه ..
ولكن … بعض العوائل أُحتجزت ، وأُخرجت من الحجز بعد عدة أشهر ! وهي ايضاً تحملت عنّاء الظلم ، ومات بعض كبار السن فيها داخل السجون !
لكن السؤال لماذا أُستثنيت هذه العوائل ؟؟
لأنَّ وطنيتهم وعراقيتهم قد ثبتت من وجهة نظر النظام !
كيف ثبت ذلك ؟؟
هل بحيازتهم لوثائق رسمية عراقية والتي كان من أهمها شهادة الجنسية العراقية ؟؟!
كلا ، اذ الجميع كان لديهم تلك الوثيقة ، ولم تشفع لحامليها ممَن لم تثبت عراقيتهم عند النظام !!
الذي أثبت عراقية هؤلاء ووطنيتهم فقط ، أنّهم كان لديهم وثائق تُثبت أنّهم من التبعية العثمانية !
أنْ يكون لدى الإنسان آنذاك شهادة تثبت تبعيته العثمانية فهو عراقي أصيل !!
ومَن لا يملك مثل تلك الوثيقة ، وإنْ كان يملك شهادة الجنسية العراقية ، فهو ليس عراقياً ، بل هو ( تبعية ) ايرانية !
الذي ذكّرني بذلك ، أنَّ المصطلح عاد من جديد على شفاه بعض الشيعة مع شديد الأسف ، ويطلق على أحرارٍ شيعة ، لا لشيئ إلّا لأنّهم لا يملكون تزكية عثمانية ، ولا يُسَبّحون بحمد آل سعود !!
ما يقض مضاجعي أنّي أرى أنَّ هذا المصطلح نذير شؤم على شيعة العراق ، بما في ذلك بعض المخدوعين .
ممَن لا يدركون أنَّ الآخر ، العدو الوجودي ، قد خدعهم ، او هم قد خدعوا أنفسهم به ، من دون عدلٍ أفشاه فيهم ، ولا أمل أصبح لهم فيه !
مصادر: متابعة – وكالات – مراسلون